(صفة الحياة لله عز وجل)
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد
من الصفات العلى لله سبحانه وتعالى صفة الحياة، وسنتحدث عن بعض من اقوال العلماء عن هذه الصفة لله عزوجل.
تعريف صفة الحياة لله عز وجل:
قال في لوامع الأنوار البهية (1/ 131):
(الحياة) وهي صفة ذاتية ثبوتية، قديمة أزلية لله عز وجل، وتقتضي صحة العلم والقدرة لاستحالة قيامهما بغير الحي.
تنبيه:
صفة الحياة للباري عز وجل هي غير صفة العلم والقدرة وغيرهما، بل هي صفة ثابتة بنفسها.
الأدلة في إثبات صفة الحياة لله عز وجل كثيرة، ومنها:
قال تعالى: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم} سورة البقرة: 255.
وقال تعالى: {الم} {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} سورة آل عمران الآيات: 1 - 2.
وقال تعالى: {وعنت الوجوه للحي القيوم} سورة طه: 111.
وقال تعالى: {وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده} سورة الفرقان آية: 58.
وقال تعالى: {هو الحي لا إله إلا هو} سورة غافر آية: 65.
في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعاء له طويل ومنه: (أنت الحي الذي لا يموت، والإنس والجن يموتون)
الدليل العقلي:
.العاقل يعلم أن الإله لا بد أن يكون حياً؛ لأنه لا يتصور إله معبود وهو ميت
قال الإمام الطحاوي في عقيدته (العقيدة الطحاوية) متحدثاً عن صفات الله تعالى:
حي لا يموت.
قال في لوامع الأنوار البهية (1/ 131):
قال العلماء - رحمهم الله تعالى: حياة الباري - عز وجل - مما اتفق عليه العقلاء، نعم، الحياة في حقه لا يجوز أن تكون بمعنى الحياة في حقنا ؛ لأنها في حقنا قوة تتبع اعتدال النوع، وهذا في حقه تعالى محال، فمن ثم اختلف في معناها في حقه تعالى، فقال أبو الحسين البصري من المعتزلة: حياته صحة العلم والقدرة، فمعنى كونه حيا أنه يصح أن يعلم ويقدر، وعند الفلاسفة الحي هو الدراك الفعال، وقال أهل السنة: حياته صفة زائدة على العلم والإرادة قديمة قائمة بذاته، لأجلها يصح أن يعلم ويقدر، لا نفس صحة العلم والقدرة، وكذا فسرها جمهور الأئمة من أهل السنة والجماعة، فهي صفة كمال في نفسها، فاتصف بها - جل وعلا - فصفة الحياة هي الجامعة لسائر الصفات متقدمة الرتبة عليها، فلا يتقدمها إلا الوجود، وهي لا تتعلق بشيء لا موجود ولا معدوم، ومثلها الوجود والقدم والبقاء عند من يعدها من الصفات الذاتية، وضابطها أنها كل صفة لا تقتضي أمرا زائدا على قيامها بمحلها، كما أن ضابط ما يتعلق من الصفات أنها كل صفة تقتضي أمرا زائدا على القيام بمحلها، فإن العلم يقتضي معلوما، والقدرة تقتضي مقدورا. . . إلخ.
بعض أقوال المعطلين لصفة الحياة في حق الله تعالى:
قال في أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات (ص: 135):
وقد غلت طائفة في النفي فعطلته محتجين بأن الاشتراك في صفة من صفات الإثبات يوجب الاشتباه، فزعموا أنه سبحانه لا يوصف بالوجود؛ بل يقال إنه ليس بمعدوم، ولا يوصف بأنه حي، ولا قادر، ولا عالم، بل يقال إنه ليس بميت ولا عاجز ولا جاهل وهذا مذهب أكثر الفلاسفة والباطنية.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً