الحمد لله وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
من أقسام الحديث (الحديث الحسن)، وقد اختلف أهل الحديث في حده وشروطه.
وسنذكر هنا بعض النصوص في ذلك، ولم أتطرق إلى قول الترمذي في ذلك لأني سوف أجعل مبحث خاص في قوله بإذن الله تعالى.
قال في مقدمة ابن الصلاح = معرفة أنواع علوم الحديث (ص: 31):
الحديث الحسن قسمان:
أحدهما: الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستور لم تتحقق أهليته، غير أنه ليس مغفلا كثير الخطأ فيما يرويه، ولا هو متهم بالكذب في الحديث، أي لم يظهر منه تعمد الكذب في الحديث ولا سبب آخر مفسق، ويكون متن الحديث مع ذلك قد عرف بأن روي مثله أو نحوه من وجه آخر أو أكثر حتى اعتضد بمتابعة من تابع راويه على مثله، أو بما له من شاهد، وهو ورود حديث آخر بنحوه، فيخرج بذلك عن أن يكون شاذا ومنكرا، وكلام الترمذي على هذا القسم يتنزل.
القسم الثاني: أن يكون راويه من المشهورين بالصدق والأمانة، غير أنه لم يبلغ درجة رجال الصحيح، لكونه يقصر عنهم في الحفظ والإتقان، وهو مع ذلك يرتفع عن حال من يعد ما ينفرد به من حديثه منكرا، ويعتبر في كل هذا - مع سلامة الحديث من أن يكون شاذا ومنكرا - سلامته من أن يكون معللا.....
وقال في الاقتراح في بيان الاصطلاح (ص: 10):
أنه لا يشترط في الحسن قيد القصور عن الصحيح وإنما يجيئه القصور ويفهم ذلك فيه إذا اقتصر على قوله حسن، فالقصور يأتيه من قيد الاقتصار لا من حيث حقيقته وذاته
وشرح هذا وبيانه:
إن ههنا صفات للرواة تقتضي قبول الرواية ولتلك الصفات درجات بعضها فوق بعض كالتيقظ والحفظ والإتقان مثلا فوجود الدرجة الدنيا كالصدق مثلا وعدم التهمة بالكذب لا ينافيه وجود ما هو أعلى منه كالحفظ والإتقان.
فإذا وجدت الدرجة العليا لم يناف ذلك وجود الدنيا كالحفظ مع الصدق فيصح أن يقال في هذا أنه حسن باعتبار وجود الصفة الدنيا وهي الصدق مثلا صحيح باعتبار الصفة العليا وهي الحفظ والإتقان، ويلزم على هذا أن يكون كل صحيح حسنا، يلتزم ذلك ويؤيده ورود قولهم هذا حديث حسن في الأحاديث الصحيحة وهذا موجود في كلام المتقدمين
وقال في الباعث الحثيث إلى اختصار علوم الحديث (ص: 37):
الحديث الحسن: وهو في الاحتجاج به كالصحيح عند الجمهور.
وهذا النوع لما كان وسطاً بين الصحيح والضعيف في نظر الناظر، لا في نفس الأمر، عسر التعبير عنه وضبطه على كثير من أهل هذه الصناعة، وذلك لأنه أمر نسبي، شيء ينقدح عنه الحافظ، ربما تقصر عبارته عنه.
وقد تجشم كثير منهم حده. فقال الخطابي: هو ما عرف مخرجه واشتهر رجاله، قال: وعليه مدار أكثر الحديث، وهو الذي يقبله أكثر العلماء، ويستعمله عامة الفقهاء.
" قلت ": فإن كن المعرف هو قوله " ما عرف مخرجه واشتهر رجاله " فالحديث الصحيح كذلك، بل والضعيف. وإن كان بقية الكلام من تمام الحد، فليس هذا الذي ذكره مسلماً له: أن أكثر الحديث من قبيل الحسان، ولا هو الذي يقبله أكثر العلماء ويستعمله عامة الفقهاء.
أقول فالخلاصة في معرفة الحديث الحسن:
بعد ما قرأت شيئا من الاختلاف في معناه، فإنه يدور حول ما ذكره ابن الصلاح وهو:
- لا يخلو رجال إسناد الحديث الحسن من مستور لم تتحقق أهليته، غير أنه ليس مغفلا كثير الخطأ فيما يرويه، ولا هو متهم بالكذب في الحديث، ويكون متن الحديث روي مثله أو نحوه من وجه آخر أو أكثر حتى اعتضد بمتابعة من تابع راويه على مثله، أو بما له من شاهد.
- يكون راويه من المشهورين بالصدق والأمانة، غير أنه لم يبلغ درجة رجال الصحيح، لكونه يقصر عنهم في الحفظ والإتقان.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً