الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً  أما بعد:

 

وردت أحاديث عن نزول القرآن على سبعة أحرف، منها ما قاله البخاري في صحيحه (3/ 122):

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يقول: سمعت هشام بن حكيم بن حزام، يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها، وكدت أن أعجل عليه، ثم أمهلته حتى انصرف، ثم لببته بردائه، فجئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إني سمعت هذا يقرأ على غير ما أقرأتنيها، فقال لي: «أرسله»، ثم قال له: «اقرأ»، فقرأ، قال: «هكذا أنزلت»، ثم قال لي: «اقرأ»، فقرأت، فقال: «هكذا أنزلت إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا منه ما تيسر».

 

 

فما المقصود بقوله (سبعة أحرف)؟

سنذكر مقتطفاً من أقوال العلماء في ذلك، وأن أقوالهم تدور حول ما سنذكره من أقوال.

 

قال في الأحرف السبعة للقرآن (ص: 27):

عمر بن الخطاب يقول سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها عليه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها فكدت أن أعجل عليه ثم أمهلته حتى انصرف ثم لببته بردائه فجئت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقراتنيها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا أنزلت ثم قال لي اقرأ فقرأت فقال هكذا أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه.

 

عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده حتى انتهى إلى سبعة أحرف.

 

فأما معنى الأحرف التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم ههنا فإنه يتوجه إلى وجهين:

أحدهما أن يكون يعني بذكر أن القرآن أنزل على سبعة [أحرف سبعة] أوجه من اللغات لأن الأحرف جمع حرف في الجمع القليل مثل فلس وأفلس ورأس وأرؤس والحرف قد يراد به الوجه بدليل قوله تعالى {ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه} الآية فالمراد بالحرف ههنا الوجه الذي تقع عليه العبادة

 

والوجه الثاني من معنى الأحرف أن يكون صلى الله عليه وسلم سمى القراءات أحرفا على طريق السعة كنحو ما جرت علية عادة العرب في تسميتهم الشيء باسم ما هو منه وما قاربه وجاوره وكان كسبب منه وتعلق به ضربا من التعلق وتسميتهم الجملة باسم البعض منها فلذلك سمي النبي صلى الله عليه وسلم القراءة حرفا وأن كان كلاما كثيرا من أجل أن منها حرفا قد غير نظمه أو كسر أو قلب إلى غيره أو أميل أو زيد أو نقص منه على ما جاء في المختلف فيه من القراءة فلما كان ذلك نسب صلى الله عليه وسلم القراءة والكلمة التامة إلى ذلك الحرف المغير المختلف اللفظ من القراءة فسمي القراءة إذ كان ذلك الحرف منها حرفا على عادة العرب في ذلك واعتمادا على استعمالها نحوه

 

 

قال في تأويل مشكل القرآن (ص: 30):

تأويل قوله، صلّى الله عليه وآله وسلّم: «نزل القرآن على سبعة أحرف»: على سبعة أوجه من اللغات متفرّقة في القرآن، يدلّك على ذلك قول رسول الله، صلّى الله عليه وآله وسلّم: «فاقرؤوا كيف شئتم».

 

وقال عمر: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرؤها، وقد كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أقرأنيها، فأتيت به النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، فأخبرته فقال له: اقرأ، فقرأ تلك القراءة، فقال: هكذا أنزلت. ثم قال لي: اقرأ، فقرأت، فقال: هكذا أنزلت. ثم قال: «إنّ هذا القرآن نزل على سبعة أحرف، فاقرؤوا منه ما تيسّر» .

فمن قرأه قراءة عبد الله فقد قرأ بحرفه، ومن قرأ قراءة أبيّ فقد قرأ بحرفه، ومن قرأ قراءة زيد فقد قرأ بحرفه.

والحرف يقع على المثال المقطوع من حروف المعجم، وعلى الكلمة الواحدة، ويقع الحرف على الكلمة بأسرها، والخطبة كلها، والقصيدة بكمالها.

ألا ترى أنهم يقولون: قال الشاعر كذا في كلمته، يعنون في قصيدته.

 

 

قال في الكامل في القراءات العشر والأربعين الزائدة عليها (ص: 89):

ثم اختلف العلماء في المقصود بسبعة لغات:

 بلغة قريش، وهذيل، وثقيف، وهوازن، وكنانة، وتميم، واليمن، وقيل: خمس لغات هوازن كسعد، وثقيف، وكنانة، وهذيل، وقريش لغتان على جميع ألسنة العرب حتى أنه روى عن عبد اللَّه أنه قال: هذا مثل قولهم تعال وأقبل وهلم وأسرع واذهب ومر، وقال ابن المسيب تمثلًا بما قال عبد اللَّه، وروى عن ابن شهاب أنه قال: على ثلاثة أحرف وليس الشرط أن يأتي سبع لغات في كل حرف بل يجوز أن يأتي في حروف وجهان أو ثلاث يجوز أو لغتان أو أكثر ولم تأت سبعة أحرف إلا في كلمات يسير مثل: (أف) روى (أفَّ)، و (أُفُّ) و (أُفِّ) بالرفع والنصب والخفض من غير تنوين ورويت هذه الثلاثة الأوجه مع التنوين وروى (أف) موقوفًا فهذه سبعة أوجه، وقد روى في (يَئِسَ)، (وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ) (وَجِبرِيلَ) و (هيهاتَ) و (أَرْجِهْ) وأشباه ذلك، وهي مسائل قليلة العدد ولم نجعل الكتاب للشرح، وقال أبو القاسم بن معن وثلاثة أبو عبيد اللطفي، المراد به سبع لغات متفرقة قد تجيء لغتان في حرف، وأربعة في حرف آخر فتكون حرف نزل بلغة قريش وآخر بكنانة وآخر بلغة اليمن وعلى هذا يدل قول عثمان رضي اللَّه عنه حين قال للكتاب للمصحف: إذا اختلفتم في حرف فاكتبوه بلسان قريش فإن القرآن نزل، يعني: أكثره، وعلى هذا حمل " المشكاة " و " القسطاس " و " السجيل "، وإن قيل: إن هذه الأحرف بلغة الروم والحبشة والفرس هذا عندنا لا يصح إذ ليس في القرآن إلا العربية قال اللَّه تعالى: (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) بل هذه الأحرف بلغة بعض العرب يحتمل أن وافقتها لغة هؤلاء الذي تقدم ذكرهم هذا قول أبي عبيد كله، وقال قُتَيْبَة: الاختلاف في المعاني دون اللغات كأبنية الحركات وبدل من الحرف كالياء من التاء أو من النون وزيادة الألف في موضع والواو والياء ونقصانها وشبه ذلك، وقال بعضهم: السبعة في الأحكام دون الألفاظ كالحلال، والحرام، والمحكم، والمتشابه، والأمثال، والأقسام، والأخبار، قال بعضهم: الحكم هكذا، لكن اختلفوا في لغة السبعة فمنه الناسخ والمنسوخ، والخاص والعام والمجمل، والمفسر، والمفصل، وقال بعضهم: بل الأمر والنهي والطلب والدعاء والخبر والاستخبار والزجر، قال. بعضهم: بل الوعد، والوعيد، والمطلق، والمقيد، والتفسير والإعراب، والتأويل، وكل هذا تكلف وإخراج الخبر عن موضعه.

 

ومنهم: من قال بل الأحرف السبعة هي المنسوبة إلى الأئمة التي جمعوها بعد التابعين مثل أَبِي عَمْرٍو ونافع وغيرهما وهذا غير صحيح كيف ورسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قال: أنزل القرآن على سبعة أحرف، وهؤلاء الأئمة لم يكونوا على عهده وأنزل فعل ماض غير مستقبل ويدل على أن القوم تصرفوا فيه بالزيادة والنقصان بعد رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - كما فعل أهل الكتاب حتى حرفوا وبدلوا ولو كان هذا كذلك لم يكن لقول اللَّه تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) معنى ولم يؤمن التحريف والتبديل على هذه الأمة كما بدل غيرهم، ومن قال هذا أخاف على دينه فربما قاله من لا علم له من أراد من المبتدعة أن يدخل في الدين نقصًا كيف والاعتماد أنَّ هذه السبعة الأحرف التي قال في الخبر: نزلت من عند اللَّه عز وجل لا أن اللَّه تعالى يوصف بالتلفظ بالحروف واللغات؛ لأن ذلك يترتب على المخارج واللهوات واللَّه تعالى منزه عن التشبيه والتعطيل.

 

ومنهم: من قال: نحن لا ندري ما السبعة الأحرف ولكن يقرأ كما علمنا إذ القراءة سُنة وهذا يؤدي إلى تعطيل الأخبار وإنما ينكر هذا من أخبار رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - إذ الخبر مستفيض بأن القرآن أنزل على سبعة أحرف توسعة لهذه الأمة بخلاف سائر الكتب فإنما نزلت على باب واحد يدلك على ذلك أن الصحابة اختلفوا في الحروف، ولم ينكر أحدهم قراءة صاحبه بل قال: كل واحد منهم هكذا علمت حتى قال نافع لبعض أهل البصرة: إن القرآن ليس بقياس؛ بل هو أخذ بخلف عن سلف والصحيح الذي نذهب إليه: أن هذه السبعة الأحرف أنزلت على رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - إلى العلماء اتبع كل واحد منهم ما أقرئ به حتى إن بعضهم قال: هذا الاختلاف في حرف واحد والستة لا يعلمها إلا رسول اللَّه، والعجب من العوام الذين قالوا في حرف دون حرف هذه قراءة

رسول اللَّه كما ذكروا في (مَالِكِ) وغيره والقرآن كلها منسوبة إليه - صلى الله عليه وسلم - فكيف يخص بواحدة دون أخرى واعلم أن هذه السبعة ليس فيها تناقض إذ قال: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)، والتناقض إنما يثبت أن لو جاء حكم في آية بالحلال ومثله في تلك الآية ذلك الحرف في الحرام مثل أن تقول افعل ولا تفعل وهذا المعنى مأمون أن يأتي مثله في كتاب اللَّه أما (يخدعون) و (يخادعون) فمن حمله على الاثنين أو الواحد أو على الجماعة فمثل هذا جائز لأنهم قالوا: طارقت النعل وعاقبت اللص وهذا واحد وهكذا " تُكَذِّبُونَ " و " تَكَذِبُونَ " إذ قالت عائشة رضي اللَّه عنهما: عوتبوا على التكذيب لا على الكذب، وكل هذا إنما يتصور في هذه اللغة لاتساع خطابها ومعانيها أشبعنا القول مختصرا ولو شرحناه لأدى إلى تطويل كثير.

 

والصحيح أن هذه السبعة إنما هي هذه القراءة التي جاءت بها الآثار عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - ولا يختص بهذه الأئمة السبعة، بل هو لغات متفرقة في العرب وأبنية هي معاني متفرقة ومختلفة يدل على الأحكام منها قراءة يدل على حكم وأخرى يدل على حكم آخر مثل قوله: (أَوْ لَامَسْتُمُ)، (أَوْ لَمَسْتُمُ) أحدهما يدل على اللمس، والثاني يدل على الجماع، وقيل: هذا كثير على تباين الألفاظ واختلاف الصيغ ما لم يخالف المصاحف التي اجتمعت عليها الصحابة وأنفذها عثمان رضي اللَّه عنه إلى البلدان الخمسة، وأجمعوا أن ما عدا هذه المصاحف يجوز إحراقه وغسله وليس بقرآن، وما اختلف فيه أهل هذه المصاحف من الهجاء والأبنية والزيادة والنقصان والبدل والحركات والمعاني والأحكام فهذا كله يجتمع في هذه القراءات المروية والمعول في تأويل الخبر على ما ذكرت مختصرًا، وباللَّه التوفيق.

 

 

قال في فنون الأفنان في عيون علوم القرآن (باختصار) (ص: 202):

عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لابن مسعود: "إن الكتب كانت تنزل من باب واحد على حرف واحد، وإن هذا القرآن ينزل من سبعة أبواب على سبعة أحرف: حلال وحرام، وأمر وزجر، وضرب أمثال، ومحكم ومتشابه".

فأحل حلال الله وحرم حرامه، وافعل ما أمر الله وانته عما نهى الله

عنه، واعتبر بأمثاله، واعمل بمحكمه، وآمن بمتشابهه، وقل: (كل

من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب) .

ومعنى هذا الحديث أن الكتب كانت تنزل من باب واحد، أي:

إنها إنما كانت تحتوي على المواعظ فحسب، ونزل القران مشتملا

على الوجوه المذكورة.

 

القول الثاني:

إن الحروف السبعة: حلال وحرام، وأمر ونهي، وخبر ما كان

وخبر ما هو كائن، وأمثال.

 

القول الثالث:

إنها حلال وحرام، ووعد ووعيد، ومواعظ وأمثال، واحتجاج

 

القول الرابع:

إنها محكم ومتشابه، وناسخ ومنسوخ، وخصوص وعموم.

وقصص.

 

القول الخامس:

إنها مقدم ومؤخر، وأمثال. وفرائض وحدود، ومواعظ، ومتشابه.

 

القول السادس:

إنها لفظة خاص يراد بها الخاص، ولفظة عام يراد بها العام.

ولفظة عام يراد بها الخاص، ولفظة خاص يراد بها العام، ولفظة

يستغنى بتنزيلها عن تأويلها، ولفظة لا يعلم فقهها إلا العلماء، ولفظة

لا يعلم معناها إلا الراسخون في العلم.

 

القول السابع:

إنها آية في إثبات الصانع، وآية في إثبات وحدانيته، وآية في

إثبات صفاته، وآية في إثبات رسله، وآية في إثبات كتبه، وآية في إثبات

الإسلام، وآية في إبطال الكفر، أعاذنا الله منه.

 

القول الثامن:

إنها الإيمان بالله، والإيمان بمحمد، والإيمان بالقرآن، والإيمان

بالرسل، والإيمان بالكتب، والإيمان بالملائكة، والإيمان بالبعث.

 

القول التاسع:

إنها ما يدخل، في اللغة، مثل الهمزة والفتح والكسر والإمالة والتفخيم والمد والقصر.

 

القول العاشر:

إنها الألفاظ المختلفة بمعنى واحد، مثل قولهم: هلم، تعال، أقبل،

ههنا، إلي، عندي، اعطف علي.

 

القول الحادي عشر: المراد بسبعة أحرف سبعة أوجه: إن أحد الوجوه: الجمع والتوحيد، كقوله: (بشهادتهم) و (بشهاداتهم) .

 

والثاني: التذكير والتأنيث، كقوله: (لتحصنكم) و (ليحصنكم) .

 

والثالث: الإعراب، كقوله: (ذو العرش المجيد) و ( ... المجيد) ، (وفي لوح محفوظ) و (. . محفوط) .

 

والرابع: التصريف، كقوله: (يعكفون) و (يعكفون) .

 

الخامس: الأدوات، كقوله: (ولكن الشياطين كفروا) (ولكن) بالتخفيف، ومثله: (ولكن البر) (ولكن الله رمى) .

 

والسادس: اختلاف اللغات في المد والقصر، والهمز وتركه.

والإمالة والتفخيم، والإدغام والإظهار، وضم الميمات في الجمع.

وكسرها، والهاءات في الكنايات وكسرها.

 

والسابع: تغيير اللفظ من الحاضر إلى الغائب، كقوله تعالى:

(نؤتيه) و (يؤتيه)، و (ندخله) و (يدخله).

القول الثاني عشر: المراد بسبعة أحرف سبعة أوجه:

أحدها: اختلاف الإعراب في الكلمة بحركة لا يزيلها عن صورتها في الكتاب كقوله: (هن أطهر لكم) برفع الراء وبفتحها.

ومثله (وهل يجازى إلا الكفور) بضم ياء (يجازى) وبإثبات نون.

والوجه الثاني: اختلاف في إعراب الكلمة على وجه يتغير به

حركاتها، ويختلف به معناها، ولا يزيلها في الكتاب عن صورتها، كقوله

تعالى: (إذ تلقونه بألسنتكم) وقريء (تلقونه).

(وادكر بعد أمة)، وقريء (بعد أمه) .

والثالث: اختلاف في تغيير حروف الكلمة بما يغير معناها دون صورتها وإعرابها، كقوله: كيف ننشرها) وقريء (ننشزها) (بالزاي) .

وكذلك (حتى إذا فزع عن قلوبهم) وقريء (فرغ) بالغين.

والرابع: اختلاف في صورة الكلمة، في الكتاب دون المعنى.

كقوله: (إن كانت إلا صيحة واحدة) وقريء (إلا زقية) .

والخامس: الاختلاف بتقديم الكلمة وتأخيرها، كقوله:

(وجاءت سكرة الموت بالحق) وقرئت (وجاءت سكرة الحق

بالموت).

والسادس: اختلاف يغير صورة الكلمة ومعناها، كقوله: (وطلح منضود) وقريء (وطلع) .

والسابع: الزيادة والنقصان كقوله: (وما علمت أيديهم) وقريء (وما عملته أيديهم) ، وقوله: (إن الله هو الغني الحميد) ، وقريء

(إن الله الغني الحميد) .

القول الثالث عشر: المراد بسبعة أحرف سبعة أوجه:

إن أحد الوجوه: التأنيث والتذكير، كقوله: (ولا تقبل منها

شفاعة) (ولا يقبل)، و (لا يحل لك النساء) و (لا تحل).

والثاني: الجمع والتوحيد: كقوله: (وصدقت بكلمات ربها وكتبه) (وكتابه) (و والذين هم لأماناتهم) و (لأمانتهم)و (شهاداتهم) و (شهادتهم) .

والثالث: الخفض والرفع كقوله: (في لوح محفوظ).

و (محفوظ)، (هل من خالق غير الله) و (غير الله).

والرابع: الأدوات والآلات، كالنون إذا شددتها، والألف إذا كسرتها أو فتحتها ونصبت ما بعدها، كقوله: (ولكن البر) (ولكن البر) (ولكن الله رمى).

والخامس: الإعراب والتصريف، كقوله: (يعرشون) و (يعرشون) و (يعكفون) و (يعكفون) .

والسادس: تغيير اللفظ والنقط، كقوله: (كيف ننشزها) و (ننشرها) بالزاي المعجمة والراء.

والسابع: ما يدخل في اللفظ مما تجوزه اللغة، كالقصر والمد.

والتفخيم والإمالة؛ والكسر والفتح، والهمز.

القول الرابع عشر: المراد بسبعة أحرف سبع لغات من لغات العرب.

إن المراد بالحديث أنزل القرآن على سبع لغات، وهذا هو القول الصحيح، وما قبله لا يثبت عند السبك. وهذا اختيار ثعلب وابن جرير.

إلا أن أقواما قالوا: هي سبع لغات متفرقة لجميع العرب في القرآن، وكل حرف منها لقبيلة مشهورة.

وقوما قالوا: أربع لغات لهوازن وثلاثة لقريش، وقوما قالوا: لغة

لقريش، ولغة لليمن، ولغة لتميم، ولغة لجرهم، ولغة لهوازن، ولغة

لقضاعة، ولغة لطي. وقوما قالوا: إنما هي لغة الكعبين، كعب بن عمرو وكعب بن لؤي. ولهما سبع لغات.

ذكر هذا التفصيل أبو حاتم بن حبان الحافظ وغيره.

 

والذي نراه أن التعيين من اللغات على شيء بعينه لا يصح لنا سنده، ولا يثبت عند جهابذة النقل طريقه.

بل نقول:

نزل القرآن على سبع لغات فصيحة من لغات العرب وقد كان بعض مشايخنا يقول: كله بلغة قريش، وهي تشتمل على أصول من القبائل هم أرباب الفصاحة، وما يخرج عن لغة قريش في الأصل لم يخرج عن لغتها في الاختيار.

وقد استدل أبو جعفر الطبري على أن المراد سبع لغات بأنه لما

تمارى القراء عند النبي - صلى الله عليه وسلم - صوب الجميع.

ولو كانت تلاوتهم، تختلف في تحليل وتحريم لما صوب ذلك.

 فدل على أن الاختلاف في اللغات كان.

ويدل عليه قول ابن مسعود: "إني قد سمعت القراء فوجدتهم متقاربين، فاقرؤوا كما علمتم، وإياكم والتنطع ".

 

 

الخلاصة:

تم ذكر الاختلاف في معنى على سبعة أحرف، ولا يصح شيء بعينه في معنى سبعة أحرف.

والقول الأقرب يدور بين:

أنه نزل على سبع لغات فصيحة من لغات العرب.

أنه على سبع قراءات.

أنه نزل على الأوجه الصحيحة التي جاءت بها الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

 

والله أعلم

 وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.