الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً    أما بعد

كثيراً ما يذكر الخلاف في كتب علوم الحديث عن من هو الصحابي، ومن يدخل تحت اسمه، وينال شرف الانتماء له، وذلك لورود أدلة عن شرف صحبة النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة.

 

وسنذكر هنا الخلاف فيمن يصح أن يطلق عليه اسم صحابي، بصورة مختصرة ومفيدة للقارئ.

 

قال في تحقيق منيف الرتبة لمن ثبت له شريف الصحبة (مختصراً) (ص: 30):

فيما يثبت به اسم الصحبة حتى ينطلق على من قام به اسم الصحابي، وفي ذلك مذاهب متباينة.

القول الأول: وهو الذي عليه جمهور أهل الحديث.

"أنه كل مسلم رآه النبي صلى الله عليه وسلم ولو لحظة وعقل منه شيئاً، فهو صحابي، سواء كان ذلك قليلاً أو كثيراً".

 

القول الثاني: أنه يكتفي بمجرد الرؤية، لكن لا بد مما ينطلق عليه اسم الصحبة ولو ساعة.

 

القول الثالث: إن الصحابي أنما ينطلق على من رأى النبي صلى الله عليه وسلم واختص به اختصاص المصحوب، وطالت مدة صحبته، وإن لم يرو عنه.

قال: وهذا طريق الأصوليين.

 

القول الرابع: إن هذا الاسم إنما يسمى به من طالت صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم وأخذ عنه العلم، حكاه الآمدي هكذا عن عمر بن يحيى.

 

القول الخامس:

لا يعد الصحابي إلا من أقام مع النبي صلى الله عليه وسلم سنة أو سنتين، وغزا معه غزوة أو غزوتين.

 

القول السادس:

من رآه وأسلم في حياته، أو ولد وإن لم يره، وإذا كان ذلك قبل وفاته بساعة ولكن كان معهم في زمن واحد. وجمعه وإياه عصر مخصوص.

هذا حاصل المذاهب التي وقفت عليها في هذه المسألة، ويتعلق بها مباحثات.

 

 

قال في شرح التبصرة والتذكرة ألفية العراقي (مختصراً) (2/ 119)

وقد اختلف في حد الصحابي من هو؟ على أقوال:

القول الأول: أحدها وهو المعروف المشهور بين أهل الحديث أنه من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في حال إسلامه، هكذا أطلقه كثير من أهل الحديث، ومرادهم بذلك مع زوال المانع من الرؤية، كالعمى، وإلا فمن صحبه - صلى الله عليه وسلم - ولم يره لعارض بنظره كابن أم مكتوم ونحوه معدود في الصحابة بلا خلاف.

 

القول الثاني أنه من طالت صحبته له، وكثرت مجالسته على طريق التبع له والأخذ عنه حكاه أبو المظفر السمعاني، عن الأصوليين، وقال إن اسم الصحابي يقع على ذلك من حيث اللغة والظاهر، قال وأصحاب الحديث يطلقون اسم الصحبة على كل من روى عنه حديثا، أو كلمة، ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية من الصحابة، قال وهذا لشرف منزلة النبي - صلى الله عليه وسلم -، أعطوا كل من رآه حكم الصحبة هكذا حكاه أبو المظفر السمعاني عن الأصوليين، وهو قول لبعضهم، حكاه الآمدي وابن الحاجب، وغيرهما وبه جزم ابن الصباغ في العدة، فقال الصحابي هو الذي لقي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأقام عنده، واتبعه، فأما من وفد عليه وانصرف عنه من غير مصاحبة، ومتابعة، فلا ينصرف إليه هذا الاسم.

 

القول الثالث وهو ما روي عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يعد الصحابي إلا من أقام مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة أو سنتين، وغزا معه غزوة أو غزوتين، قال ابن الصلاح وكأن المراد بهذا إن صح عنه راجع إلى المحكي عن الأصوليين.

 

القول الرابع أنه يشترط مع طول الصحبة الأخذ عنه حكاه الآمدي عن عمرو بن يحيى، فقال ذهب إلى أن هذا الاسم إنما يسمى به من طالت صحبته للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأخذ عنه العلم وحكاه ابن الحاجب أيضا قولا.

 

القول الخامس أنه من رآه مسلما بالغا عاقلا حكاه الواقدي عن أهل العلم فقال رأيت أهل العلم يقولون كل من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أدرك الحلم، فأسلم، وعقل أمر الدين ورضيه فهو عندنا ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم ولو ساعة من نهار، انتهى والتقييد بالبلوغ شاذ.

 

القول السادس أنه من أدرك زمنه صلى الله عليه وسلم، وهو مسلم، وإن لم يره وهو قول يحيى بن عثمان بن صالح المصري فإنه قال وممن دفن.

 

 

الخلاصة:

جمع الأقول فيمن يطلق عليه اسم الصحابي على النحو التالي:

 

القول الأول:

كل مسلم رآه النبي صلى الله عليه وسلم ولو لحظة وعقل منه أنه من رأى النبي صلى الله عليه وسلم واختص به اختصاص المصحوب، وطالت مدة صحبته، وإن لم يرو عنه.

 

القول الثاني:

أنه من أخذ عن النبي صلى الله عليه وسلم العلم.

 

القول الثالث:

أنه من أقام مع النبي صلى الله عليه وسلم سنة أو سنتين، وغزا معه غزوة أو غزوتين.

 

القول الرابع:

أنه من رآه وأسلم في حياته، أو ولد وإن لم يره، وإذا كان ذلك قبل وفاته بساعة ولكن كان معهم في زمن واحد

 

والله أعلم

 

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً