الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
للمفسرين طرقاً يتبعونها عند تفسيرهم للقرآن الكريم، ويختلفون في طرقهم إلى عدة طرق منها ما هو مجمع عليه، ومنها ما هو مختلف فيه.
وسنذكر هنا الطرق المجمع عليها في التفسير.
قال ابن المنذر في تفسيره (1/ 8):
أحسن طرق التفسير وأصحها، تفسير القرآن بالقرآن، ثم بالسنة النبوية، ثم بكلام الصحابة، ثم بكلام التابعين، ثم الاجتهاد وبذل الوسع في معرفة المراد من كلام الله سبحانه، مع التدين الصادق، وسلامة الوِجهة، وإخلاص القصد لله رب العالمين.
وقد روي عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال:
التفاسير على أربعة أوجه: تفسير تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهله، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله، فمن ادَّعى علمه فقد كذب.
وقال بدر الدين الزركشي في البرهان في علوم القرآن (2/ 175):
مسألة في أن أحسن طرق التفسير أن يفسر القرآن بالقرآن:
قيل: أحسن طريق التفسير أن يفسر القرآن بالقرآن فما أجمل في مكان فقد فصل في موضع آخر وما اختصر في مكان فإنه قد بسط في آخر فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له قال تعالى: {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" يعني السنة فإن لم يوجد في السنة يرجع إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرائن ولما أعطاهم الله من الفهم العجيب فإن لم يوجد ذلك يرجع إلى النظر والاستنباط بالشرط السابق.
وقال ابن كثير في تفسيره (1/ 7):
تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة، إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين إذا أجمعوا على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة، فإن اختلفوا فلا يكون بعضهم حجة على بعض، ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن أو السنة أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك.
فالخلاصة بأنه يرجع في تفسير شيء من القرآن إلى تفسيره بالقرآن نفسه في آية أخرى، وإن لم تجد فيفسر بالسنة النبوية، وإن لم تجد فيفسر بكلام الصحابة.
وإن لم تجد فقال كثير من العلماء يرجع إلى قول التابعين الذي أجمعوا عليه، وإن أختلف التابعون فيرجع إلى لغة القرآن أو السنة أو لغة العرب.
هذا والله أعلم وصلى الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً