ارشاد أهل الفلاح في الالتفات في حي على الصلاة والفلاح

 

  • مقدمة:

كثيرا ما نرى المؤذنين يلتفتون عند الحيعلة ( قول حي على الصلاة ، حي على الفلاح ) ولكنهم لايتفقون في كيفية الإلتفات، وهل توضع الأصابع على الأذنين أم لا؟

ونحن في هذا المبحث اللطيف نعرض هذه المسألة عند المذاهب الأربعة بما تيسر من نقولات.

 

  • تعريفات:

قال في القاموس المحيط (ص: 990):

الحيعلة: حكاية قولك: حي على الصلاة، حي على الفلاح.

أقوال المذاهب الأربعة:

 

  • أقوال المذاهب الأربعة:

 

أولاً مذهب الحنفية:

  • قال في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (1/ 91):

قال - رحمه الله - (ويلتفت يمينا وشمالا بالصلاة والفلاح) لما روي أن بلالا لما بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح حول وجهه يمينا وشمالا ولم يستدر؛ ولأنه خطاب للقوم فيواجههم فيه ولا يحول وراءه لما فيه من استدبار القبلة ولا أمامه لحصول الإعلام في الجملة بغيرها من كلمات الأذان وقال الحلواني: إذا كان وحده لا يحول؛ لأنه لا حاجة إليه والصحيح أنه يحول؛ لأنه صار سنة الأذان فلا يترك وكيفيته أن تكون الصلاة في اليمين والفلاح في الشمال، وقيل: إن الصلاة في اليمين والشمال والفلاح كذلك والصحيح الأول.

 

  • قال في العناية شرح الهداية (1/ 244):

وقوله: (ويحول وجهه للصلاة والفلاح) يعني عند قوله حي على الصلاة حي على الفلاح (يمنة ويسرة) ؛ لأنه خطاب للقوم فيواجههم به. .....  (وإن استدار في صومعته فحسن) ظاهر.

وقوله: (وإن لم يفعل فحسن) أي فالأذان حسن لا ترك الفعل؛ لأنه وإن لم يكن من السنن الأصلية حيث لم يذكر في حديث عبد الله بن زيد وهو الأصل في باب الأذان لكنه فعل أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - بلالا فلا يليق أن يوصف تركه بالحسن ولم يؤثر في زوال الحسن المتمكن في نفس الأذان الذي هو من سنن الهدى فكان معناه أن الأذان بذلك الفعل أحسن وبتركه حسن.

 

  • قال في البناية شرح الهداية (2/ 90):

م: (وجهه للصلاة والفلاح) ش: يعني عند قوله حي على الصلاة حي على الفلاح.

م: (يمنة ويسرة) ش: .... لأن يمنة يرجع إلى حي على الصلاة ويسرة يرجع إلى حي على الفلاح، وقيل كل واحد من الميمنة والميسرة ينصرف إلى الصلاة والفلاح، جميعا بأن يقول حي على الصلاة يمنة ثم يقول يسرة حي على الفلاح يمنة ثم يقول يسرة وقيل الأصح هو الأول...... الصلاة فقام بلال فأذن وجعل أصبعيه في أذنيه وجعل يستدير» .

وأخرج أبو الشيخ الأصبهاني «أن بلالا أذن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبطحاء فجعل فوضع أصبعيه في أذنيه، وجعل يستدير يمينا وشمالا» . وأخرج ابن ماجه بلفظ يخالف عن حجاج بن أرطاة عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأبطح وهو في قبة حمراء فخرج بلال فأذن فاستدار في أذانه وجعل أصبعيه في أذنيه» . وفي " سنن الدارقطني " من حديث كامل أبي العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - «أمر أبا محذورة أن يستدير في أذانه»  ........ م: (والأفضل للمؤذن أن يجعل أصبعيه في أذنيه، بذلك) ش: أي يجعل أصبعيه في أذنيه.

م: (أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بلالا - رضي الله عنه -) ش: هذا الحديث أخرجه ابن ماجه في " سننه " عن

 

  • قال في درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 55):

(قوله ويلتفت في الحيعلتين) أقول أطلقه فشمل ما لو كان يؤذن لنفسه على الصحيح؛ لأنه صار سنة الأذان فلا يترك كما في التبيين حتى قالوا في الذي يؤذن للمولود ينبغي أن يحول، كذا في البحر.

(قوله يمينا ويسارا) قال في البحر قيد به؛ لأنه لا يحول وراءه لما فيه من استدبار القبلة ولا أمامه لحصول الإعلام في الجملة بغيرها من كلمات الأذان اهـ.

 

  • قال في ملتقى الأبحر (ص: 116):

ويحول وجهه يمنة ويسرة عند حي على الصلاة، وحي على الفلاح ...... ويجعل أصبعيه في أذنيه.

 

6- قال في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (1/ 92):

 (ويجعل إصبعيه في أذنيه) لما روي أنه - عليه الصلاة والسلام - «قال لبلال اجعل إصبعيك في أذنيك فإنه أرفع لصوتك» وإن لم يفعل فحسن؛ لأنه ليس بسنة أصلية إذ ليس هو في أذان صاحب الرؤيا ولم يشرع لأصل الإعلام بل للمبالغة فيه، ألا ترى أنه - عليه الصلاة والسلام - نبه على العلة وبين الحكمة بقوله «فإنه أرفع لصوتك» وإن جعل يديه على أذنيه فحسن؛ لأن أبا محذورة ضم أصابعه الأربع ووضعها على أذنيه وعن أبي حنيفة أنه إن جعل إحدى يديه على أذنيه فحسن.

 

  • قال في مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (1/ 76):

(ويحول وجهه) ؛ لأنه خطاب للقوم أي لا صدره (يمنة ويسرة عند حي على الصلاة وحي على الفلاح) وقال الحلواني: إذا أذن لنفسه لا يحول والصحيح أنه يحول فيواجههم به، وكيفيته أن تكون الصلاة في اليمين، والفلاح في الشمال، وفيه إشارة إلى أنه ينبغي أن يجيب المستمع ويقول مثل ما قال المؤذن إلا في الحيعلتين والصلاة خير من النوم بل يقول في الأول لا حول ولا قوة إلا بالله أو ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وما قدر سيكون وفي الثاني صدقت وبالحق نطقت..... (ويجعل) المؤذن (أصبعيه في) صماخ (أذنيه) ؛ لأنه أبلغ في الإعلام، وجاز وضع يديه أيضا كما في الدرر (ولا يتكلم في أثنائهما) أي في أثناء الأذان والإقامة أي تكلم حتى لو تكلم لأعاد؛ لأنه يخل بالتعظيم ويغير النظم.

 

 

فمذهب الحنفية هو أن يكون الالتفات يمينا عند قول المؤذن حي على الصلاة والالتفات شمالا عند قول المؤذن حي على الفلاح.

وقول بأن يكون الالتفات يمينا حي على الصلاة وحي على الفلاح، وشمالا حي على الصلاة.

ويحسن وضع إصبع أو كف على الأذنيين وقت الأذان؛ لأنه أرفع للصوت.

 

 

ثانياً مذهب المالكية:

  • قال في المدونة (1/ 158):

وقال مالك: في وضع المؤذن إصبعيه في أذنيه في الأذان قال: ذلك واسع إن شاء فعل وإن شاء ترك .... قلت: ولا يدور حتى يبلغ حي على الصلاة حي على الفلاح؟

قال: لا يعرف هذا الذي يقول الناس يدور ولا هذا الذي يقول الناس يلتفت يمينا وشمالا، قال ابن القاسم: وكان مالك ينكره إنكارا شديدا؛ إلا أن يكون يريد أن يسمع، قال: فإن لم يرد به ذلك، فكان ينكره إنكارا شديداً، أن يكون هذا من حد الأذان، ويراه من الخطأ وكان يوسع أن يؤذن كيف تيسر عليه.

 

  • قال في القوانين الفقهية (ص: 37):

ويجوز أن يجعل أصابعه في أذنيه.

 

  • قال في مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (1/ 441):

قال في المدونة: ولا يدور في أذانه ولا يلتفت، وليس هذا من حد الأذان إلا أن يريد أن يسمع الناس، ويؤذن كيف تيسر عليه .... قال ابن ناجي: ظاهره أنه يجوز الالتفات والدوران لقصد الإسماع.

 

مذهب المالكية بأن المؤذن لا يلتفت في أذانه عند قول حي على الصلاة و حي على الفلاح؛ إلا إن أراد أن يسمع الناس فله أن يدور.

ويجوز وضع أصبعه في أذنيه لرفع الصوت.

 

 

ثالثاً مذهب الشافعية:

 

  • قال في الحاوي الكبير (2/ 42):

( حي على الصلاة، حي على الفلاح ) ، وهو الموضع الذي يلتفت فيه يمينا وشمالا، فلو خالف المؤذن واستدبر القبلة بأذانه فقد أساء وأجزأه.

 

  • قال في فتح العزيز بشرح الوجيز = الشرح الكبير للرافعي (3/ 177):

كيفيته أن يلتفت يمينا فيقول حى علي الصلاة مرتين، ثم يلتفت شمالا فيقول حى على الفلاح مرتين، وهذا هو الاصح وعليه العمل .....

انه يلتفت يمينا ويقول حي علي الصلاة مرتين، ثم يرد وجهه الي القبلة ثم يلتفت شمالا ويقول حي علي الفلاح مرتين، وهذا ما عليه العمل، والثانى يلتفت يمينا ويقول حى على الصلاة مرة ثم يرد وجهه الي القبلة ثم يلتفت يمينا ويقول حى على الصلاة مرة أخرى، وكذلك يفعل بالجهة الثانية .

 

  • قال في المجموع شرح المهذب (3/ 107):

ذهبنا أنه يستحب الالتفات في الحيعلة يمينا وشمالا ولا يدور ولا يستدبر القبلة سواء كان على الأرض أو على منارة .

 

  • قال في روضة الطالبين وعمدة المفتين (1/ 199):

  يسن الالتفات في الحيعلتين يمينا وشمالا، فيلوي رأسه وعنقه، ولا يحول صدره عن القبلة، ولا يزيل قدمه عن مكانها، وفي كيفية الالتواء، ثلاثة أوجه:

أصحها، يلتفت عن يمينه، فيقول: حي على الصلاة، حي على الصلاة. ثم يلتفت عن يساره، فيقول: حي على الفلاح، حي على الفلاح، والثاني: يلتفت عن يمينه، فيقول: حي على الصلاة، ثم يعود إلى القبلة، ثم يلتفت عن يمينه، فيقول: حي على الصلاة، ثم يلتفت عن يساره، فيقول: حي على الفلاح، ثم يستقبل القبلة، ثم يلتفت عن يساره، فيقول: حي على الفلاح، والثالث، قول القفال: يقسم كل حيعلة على الجهتين، فيقول: حي على الصلاة، مرة عن يمينه، ثم مرة عن يساره. ثم حي على الفلاح، مرة عن يمينه، ثم مرة عن يساره.

ويستحب الالتفات في الإقامة على الأصح، ولا يستحب على الثاني، إلا أن يكبر المسجد ويحتاج إليه.

 

  • قال في فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب (1/ 41):

" وأن يلتفت بعنقه فيهما يمينا مرة في حي على الصلاة " مرتين في الأذان ومرة في الإقامة " وشمالا مرة في حي على الفلاح " كذلك من غير تحويل صدره عن القبلة وقدميه عن مكانهما؛ لأن بلالا كان يفعل ذلك في الأذان كما في الصحيحين، وقيس به الإقامة واختص الالتفات بالحيعلتين؛ لأنهما خطاب آدمي كالسلام من الصلاة، بخلاف غيرهما.

 

  • قال في المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية (ص: 81):

"ويسن الالتفات" في الأذان والإقامة "برأسه وحده" لا بصدره "يمينه" مرة "في" مرتي قوله: "حي على الصلاة ويساره" مرة "في" مرتي قوله: "حي على الفلاح" لأن بلالا كان يفعل ذلك بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم في الأذان رواه الشيخان.

 

  • قال في مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (1/ 322):

ويسن الالتفات بعنقه في حيعلات الأذان والإقامة، لا بصدره من غير انتقال عن محله، ولو بمنارة محافظة على الاستقبال يمينا مرة في قوله حي على الصلاة مرتين، وشمالا مرة في قوله حي على الفلاح مرتين حتى يتمهما في الالتفاتين روى الشيخان " أن أبا جحيفة قال: رأيت بلالا يؤذن فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا، يقول يمينا وشمالا: حي على الصلاة حي على الفلاح، ولا يلتفت في قوله: الصلاة خير من النوم ".

 

  • قال في فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين (ص: 154):

وتحويل وجهه لا الصدر فيهما يمينا مرة في حي على الصلاة في المرتين ثم يرد وجهه للقبلة.

وشمالا مرة في حي على الفلاح في المرتين ثم يرد وجهه للقبلة.

 

فمذهب الشافعية بسنية الالتفات يمينا وشمالا في حي على الصلاة وحي على الفلاح بأحد الصفات التالية:

  • يلتفت عن يمينه مرة واحدة، فيقول: حي على الصلاة، حي على الصلاة. ثم يلتفت عن يساره مرة واحدة، فيقول: حي على الفلاح، حي على الفلاح، وهو أصحها.
  • يلتفت عن يمينه، فيقول: حي على الصلاة، ثم يعود إلى القبلة، ثم يلتفت عن يمينه، فيقول: حي على الصلاة، ثم يلتفت عن يساره، فيقول: حي على الفلاح، ثم يستقبل القبلة، ثم يلتفت عن يساره، فيقول: حي على الفلاح.
  • يقسم كل حيعلة على الجهتين، فيقول: حي على الصلاة، مرة عن يمينه، ثم مرة عن يساره، ثم حي على الفلاح، مرة عن يمينه، ثم مرة عن يساره، وهو قول القفال.

ويستحب الالتفات في الإقامة وخاصة إذا كان المسجد كبيرا.

 

 

رابعاً مذهب الحنابلة:

  • قال في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (1/ 416):

قوله (فإذا بلغ الحيعلة التفت يمينا وشمالا. ولم يستدر) . هذا المذهب مطلقا. وعليه الجمهور. ... وعنه يزيل قدمه في منارة ونحوها ...  قلت: وهو الصواب. لأنه أبلغ في الإعلام، وهو المعمول به.

تنبيه: ظاهر قوله " التفت يمينا وشمالا " أنه سواء كان على منارة، أو غيرها، أو على الأرض، وهو صحيح، وهو المذهب. وعليه الأصحاب وجزم به أكثرهم.

فائدتان:

إحداهما: يقول " حي على الصلاة " في المرتين متواليتين عن يمينه. ويقول " حي على الفلاح " كذلك عن يساره، على الصحيح من المذهب. وعليه الأصحاب.

الثانية: لا يلتفت يمينا ولا شمالا في الحيعلة في الإقامة على الصحيح من المذهب .

 

قوله (ويجعل إصبعيه في أذنيه) . يعني السبابتين. وهذا المذهب... وعنه يجعل أصابعه على أذنيه مبسوطة مضمومة.

سوى الإبهام. .. وعنه يفعل ذلك مع قبضه على كفيه.

 

  • قال في الروض المربع شرح زاد المستقنع (ص: 64):

(جاعلا أصبعيه) السبابتين (في أذنيه) لأنه أرفع للصوت (غير مستدير) فلا يزيل قدميه في منارة ولا غيرها (ملتفتا في الحيعلة يمينا وشمالا) أي يسن أن يلتفت يمينا لـ " حي على الصلاة " وشمالا لـ " حي على الفلاح "، ويرفع وجهه إلى السماء فيه كله.

 

  • قال في كشاف القناع عن متن الإقناع (1/ 239):

(فإذا بلغ الحيعلة التفت) برأسه وعنقه وصدره.

وظاهر المحرر: أنه لا يلتفت بصدره (يمينا لحي على الصلاة، و) التفت (شمالا لحي على الفلاح، في الأذان دون الإقامة) لحديث، أبي جحيفة .

 

  • قال في كشاف القناع عن متن الإقناع (1/ 240):

(ولا يزيل قدميه) عند قوله " حي على الصلاة حي على الفلاح " في الأذان بل يلتفت يمينا وشمالا كما تقدم.

ولو أعقبه له لكان أولى لحديث أبي جحيفة قال «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في قبة حمراء من أدم، فخرج وتوضأ وأذن بلال فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا، يقول يمينا وشمالا: حي على الصلاة حي على الفلاح» متفق عليه ورواه أبو داود.

وفيه «فلما بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح لوى عنقه يمينا وشمالا ولم يستدر» .

(قال القاضي) أبو يعلى (والمجد) عبد السلام بن تيمية (وجمع) منهم صاحب الروضة والمذهب الأحمد والإفادات والمنور (إلا في منارة ونحوها) قال في الإنصاف: وهو الصواب، لأنه أبلغ في الإعلام وهو المعمول به (ويجعل إصبعيه السبابتين في أذنيه) لما روى أبو جحيفة أن بلالا وضع إصبعيه في أذنيه رواه أحمد والترمذي وصححه.

وعن سعد القرظ «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أمر بلالا بذلك وقال إنه أرفع لصوتك» رواه ابن ماجه.

 

  • قال في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (1/ 294):

وسن كونه (يلتفت) برأسه وعنقه وصدره (في أذان يمينا ل حي على الصلاة، وشمالا ل حي على الفلاح) في الأذان لا الإقامة، (ولا يزيل قدميه) لقول أبي جحيفة رأيت بلالا يؤذن، فجعلت أتتبع فاه ههنا يقول يمينا وشمالا: " حي على الصلاة حي على الفلاح " متفق عليه.

وظاهره: سواء كان في منارة أو غيرها، قال في " الإنصاف ": هذا المذهب مطلقا، وعليه الجمهور، و (قال القاضي) أبو يعلى (والمجد وجمع) ، منهم صاحب " الإفادات " و " والمذهب الأحمد " والمنور وابن نصر الله: (إلا) إن أذن (بمنارة) ونحوها فيزيل قدميه، قال في " الإنصاف ": قلت: وهو الصواب؛ لأنه أبلغ في الإعلام، وهو المعمول به، زاد أبو المعالي: يفعل ذلك مع كبر البلد.

 

  • قال في الهداية على مذهب الإمام أحمد (ص: 74):

ويجعل أصابعه مضمومة على أذنيه، ويستقبل القبلة، فإذا بلغ الحيعلة التفت يمينا وشمالا، ولم يزل قدميه عن موضعهما، ولم يستدبر القبلة.

 

  • قال في الشرح الكبير على متن المقنع (1/ 403):

 (فإذا أبلغ الحيعلة ألتفت يميناً وشمالاً ولم يستدر) الحيعلة قوله: حي على الصلاة، حي على الفلاح.

ويستحب للمؤذن أن يلتفت يميناً إذا قال حي الصلاة، ويساراً إذا قال حي على الفلاح، ولا يزيل قدميه.

وهذا ظاهر كلام الخرقي وهو قول النخعي والثوري والاوزاعي وأبي حنيفة وصاحبيه والشافعي.

لما روى أبو جحيفة قال رأيت بلالاً يؤذن فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا يقول يميناً وشمالاً يقول حي على الصلاة، حي على الفلاح، متفق عليه.

وفي لفظ قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في قبة حمراء من أدم فخرج بلال فأذن فلما بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح لوى عنقه يميناً وشمالاً ولم يستدر، رواه أبو داود.

وذكر أصحابنا عن أحمد فيمن أذن في المنارة روايتين (إحداهما) لا يدور للخبر وكما لو كان على وجه الأرض (والثانية) يدور لأنه لا يحصل بدونه وتحصيل المقصود مع الإخلال بالآداب أولى من العكس وهذا قول إسحاق (فصل) ويستحب رفع الصوت بالأذان لأنه أبلغ في الإعلام وأعظم للأجر لما ذكرنا في خبر أبي سعيد .

 (ويجعل أصبعيه في أذنيه) وذلك مستحب وهو المشهور عن أحمد وعليه العمل عند أهل العلم كذلك قال الترمذي لما روى أبو جحيفة أن بلالاً وضع أصبعيه في أذنيه رواه الإمام أحمد والترمذي وقال حديث حسن صحيح، وعن سعد القرظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالاً أن يجعل أصبعيه في أذنيه وقال أنه أرفع لصوتك، رواه ابن ماجه.

وقال الخرقي يجعل أصبعيه مضمومة على أذنيه رواه أبو طالب عن أحمد أنه قال أحب إلي أن يجعل بديه على أذنيه على حديث أبي محذورة واحتج لذلك القاضي بما روى أبو حفص بإسناده عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا بعث مؤذناً يقول له: أضمم أصابعك مع كفيك واجعلها مضمومة على أذنيك، وبما روى الإمام أحمد عن أبي محذورة أنه كان يضم أصابعه والأول أصح لصحة الحديث وشهرته وعمل أهل العلم به وأيهما فعل فحسن وإن ترك الكل فلا بأس

 

فمذهب الحنابلة بأن يقول المؤذن "حي على الصلاة" في المرتين متواليتين ملتفتا عن يمينه، ويقول " حي على الفلاح " كذلك عن يساره.

ويجعل إصبعيه في أذنيه يعني السبابتين. وهذا المذهب، ورواية صحيحة يجعل أصابعه على أذنيه مبسوطة مضمومة.

سوى الإبهام، ورواية صحيحة يفعل ذلك مع قبضه على كفيه.

 

ولا يلتفت يمينا ولا شمالا في الإقامة على الصحيح من المذهب.

 

 

 

  • خلاصة الأقوال:
  • التفات المؤذن عند قول حي على الصلاة يمينا في المرتين ، والتفاته شمالا عند قوله حي على الفلاح في المرتين ، وهذا مذهب الحنفية في قول لهم ومذهب الشافعية والحنابلة.

 

  • التفات المؤذن عند قوله حي على الصلاة مرة يمينا ومرة شمالاً، والتفات المؤذن عند قوله حي على الفلاح مرة يمينا ومرة شمالاً، وهو مذهب الحنفية في قول لهم .

 

 

  • عدم التفات المؤذن عند قول حي على الصلاة وحي على الفلاح إلا لضرورة اسماع الناس وهو مذهب المالكية.

 

  • وضع أصابعه في أذنيه أو كفيه وقت الأذان ليرفع صوته وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.

 

 

  • أدلة الأقوال:

يوجد عدة أدلة في المسألة ونكتفي بذكر دليلين لتبيين الحكم الذي استدل به الفقهاء على المسألة ومن أراد مناقشة المسألة من ناحية حديثية فله الرجوع إلى كتب الحديث وشروحاته في ذلك ونحن مقصدنا ذكر أقوال المذاهب الأربعة.

 

  • أخرج ابن ماجه عن حجاج بن أرطاة عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال «أتيت النبي – صلى الله عليه وسلم – بالأبطح وهو في قبة حمراء فخرج بلال فأذن فاستدار في أذانه وجعل أصبعيه في أذنيه» .

 

وجه الدلالة:

في الحديث دليل على إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لبلال في وضع اصبعيه في أذنيه وفي الاستدارة في الأذان.

 

مناقشة الدليل:

قال في فتح الباري لابن رجب (5/ 377):

وخرج ابن ماجه من رواية حجاج بن ارطاة، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه قال: أتيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالأبطح، وهو في قبة حمراء، فخرج بلال فأذن، فاستدار في أذانه، فجعل إصبعيه في أذنيه.

وحجاج مدلس.

قال ابن خزيمة: لا ندري هل سمعه من عون، أم لا؟

وقال البيهقي: يحتمل ان يكون أراد الحجاج باستدارته التفاته يمينا وشمالاً، فيكون موافقاً لسائر الرواة. قال: وحجاج ليس بحجة.

وخرجه من طريق آخر عن حجاج، ولفظ حديثه: رأيت بلالاً يؤذن، وقد جعل إصبعيه في أذنيه، وهو يلتوي في أذانه يميناً وشمالاً.

وقد رويت هذه الاستدارة من وجه آخر: من رواية محمد بن خليد الحنفي - وهو ضعيف جداً -، عن عبد الواحد بن زياد، عنه، عن مسعر، عن علي بن الأقمر، عن عون، عن أبيه.

ولا يصح - أيضا.

 

 

  • عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حدثني أبي عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا أن يجعل أصبعيه في أذنيه وقال: «إنه أرفع لصوتك» . رواه ابن ماجه

 

وجه الدلالة:

فيه دليل على أمر النبي صلى الله عليه وسلم لبلال أن يجعل أصبعيه في أذنيه ويرفع صوته وهو يؤذن.

 

مناقشة الدليل:

قال في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (1/ 334):

عن بلال أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " «إذا أذنت فاجعل إصبعيك في أذنيك ; فإنه أرفع لصوتك» ".

رواه الطبراني في الكبير، وفيه عبد الرحمن بن عمار وهو ضعيف.

 

قال في فتح الباري لابن رجب (5/ 377):

وخرج ابن ماجه من حديث اولاد سعد القرظ، عن آبائهم، عن سعد، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بلالا ان يجعل إصبعيه في أذنيه، وقال: ((أنه أرفع لصوتك)) وهو إسناد ضعيف؛ ضعفه ابن معين وغيره.

وروي من وجوه أخر مرسلة.

قال ابن القطان: عبد الرحمن هذا وأبوه وجده كلهم لا يعرف لهم حال.

 

 

  • الترجيح:

ذكرت في هذا المبحث أقوال المذاهب الفقهية الأربعة وأدلتهم ووجه الدلالة ومناقشة الأدلة بقدر ما تيسر، فكل من ينتمي إلى أقليم معين فيأخذ المذهب المتبع في اقليمه وخاصة أن هذا البحث ليس خاصا بأقليم معين، وأما من يعمل بعمل المحدثين وله الحق في النظر والترجيح بين الأدلة فله ذلك.

 

 

والله أعلم

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم