القول الفصل في حكم الاتكاء عند الأكل

  • مقدمة:

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم    أما بعد:

من الأمور التي نمارسها عدة مرات في اليوم والليلة هو تناول الطعام ، ولابد من الجلوس لتناوله لكي يسهل مضغه ومن ثم هضمه ، ومن المسائل التي تندرج في مسألة تناول الطعام هي مسألة حكم تناوله الطعام والإنسان متكئا.

ونحن في هذا المبحث اللطيف نتناول المسألة عند أصحاب المذاهب الفقهية الأربعة بطريقة مختصرو وميسرة.

 

  • أقوال المذاهب الفقهية الأربعة:

 

أولا مذهب الحنفية:

1- قال ابن عابدين في حاشية ابن عابدين (رد المحتار) (6/ 756):

(قوله كما يجوز أن يأكل متكئا في الصحيح) قدمنا في الحظر أنه لا بأس به في المختار أي فتركه أولى وهذا إذا لم يكن عن تكبر وإلا فيحرم.

 

2- قال في البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (8/ 210):

وفي العتابية يكره الأكل والشرب متكئا.

 

3- قال في الدر المختار شرح تنوير الأبصار وجامع البحار (ص: 759):

(كما يجوز أن يأكل متكئا) في الصحيح لما روي: أنه (صلى الله عليه وسلم) أكل متكئا مجمع الفتاوى.

 

فمذهب الحنفية هو جواز الأكل متكئا.

 

ثانيا مذهب المالكية:

1- قال في حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (2/ 467):

[قوله: يكره أن يأكل متكئا] أي كراهة تنزيه، وهي متى أطلقت إنما تنصرف للتنزيه .

 

2- قال في الذخيرة للقرافي (13/ 256):

ولا يأكل متكئا لقوله - صلى الله عليه وسلم  - (وأما أنا فلا آكل متكئا) ...  .

 

فمذهب المالكية هو كراهة الأكل متكئا.

 

ثالثا مذهب الشافعية:

1- قال في فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين (ص: 494):

ويكره الأكل متكئا وهو المعتمد على وطاء تحته ومضطجعا إلا فيما يتنقل به لا قائما والشرب قائما خلاف الأولى.

 

2- قال في أسنى المطالب في شرح روض الطالب (3/ 228):

(ويكره الأكل متكئا) لخبر «أنا لا آكل متكئا».

 

فمذهب الشافعية هو كراهة الأكل متكئا.

 

رابعا مذهب الحنابلة:

1- قال ابن قدامة في المغني (7/ 290):

ويكره الأكل متكئا؛ لما روى أبو جحيفة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا آكل متكئا» . رواه البخاري.

 

2- قال في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (8/ 328):

وكره الإمام أحمد - رحمه الله - الأكل متكئا

 

فمذهب الحنابلة هو كراهة الأكل متكئا.

 

 

  • أدلة المسألة:
  • عن علي بن الأقمر، سمعت أبا جحيفة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا آكل متكئا» صحيح البخاري (7/72).

 

  • عن شعيب بن عبد الله بن عمرو، عن أبيه، قال: «ما رئي رسول الله يأكل متكئا قط» . رواه أبو داود.

 

 

3- عن ابن شاهين عن عطاء بن يسار: أن جبريل «رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يأكل متكئا فنهاه» .

 

وجه الدلالة:

الأحاديث تدل على كراهة الأكل متكئا.

 

مناقشة الأدلة:

أن الاتكاء الذي يصحبه تكبراً يحرم للتكبر وأما إن لم يكن معه تكبر فيرتفع التحريم إلى الجواز أو الكراهة .

 

  • الخلاصة:

كراهة الأكل متكئا عند المالكية والشافعية والحنابلة ويجوز من غير كراهة عن الحنفية.

 

 

  • الترجيح:

ذكرت في هذا المبحث أقوال المذاهب الفقهية الأربعة وأدلتهم ووجه الدلالة ومناقشة الأدلة بقدر ما تيسر ، فكل من ينتمي إلى أقليم معين فيأخذ المذهب المتبع في اقليمه وخاصة أن هذا البحث ليس خاصا بأقليم معين ، وأما من يعمل بعمل المحدثين وله الحق في النظر والترجيح بين الأدلة فله ذلك .

 

والله أعلم

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا