المنال في حكم حلق اللحية للرجال
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد:
فهذا مبحث لطيف عن حكم حلق اللحية والأخذ منها وحلقها بالنسبة للرجال، اسميته المنال في حكم حلق اللحية للرجال.
ومسألة حلق اللحية من المسائل التي كثر فيها الجدال بين مجيز لحلقها أو الأخذ منها ومحرم له ومن يقول بكراهية حلقها، وكذلك الخلاف في مقدار الأخذ منها لمن يجيزه، وكذلك ماهي اللحية وما هو الذقن؟
وفي هذا المبحث اللطيف المختصر نذكر فيه حكم ما ذكرنا من مسائل على ما هو في المذاهب الفقهية الأربعة بما تيسر جمعه ووضعه وفهمه.
الحلق:
قال الرازي في مقاييس اللغة (2/ 98): (حلق) الحاء واللام والقاف أصول ثلاثة: فالأول تنحية الشعر عن الرأس، ثم يحمل عليه غيره.
القص:
قال الرازي في مقاييس اللغة (5/ 11):
قصصت الشعر، وذلك أنك إذا قصصته فقد سويت بين كل شعرة وأختها، فصارت الواحدة كأنها تابعة للأخرى مساوية لها في طريقها.
قال الفيروزآبادى في القاموس المحيط (ص: 627) : وقَصَّ الشَّعَرَ والظُّفُرَ: قَطَعَ منهما
بالمِقَصِّ، أي: المِقْراضِ، وهُما مِقَصَّانِ.
قال في كتاب تكملة المعاجم العربية (8/ 282) : قصص الشعر: قصه، قطعه بالمقص.
اللحية:
قال السيوطي في المزهر في علوم اللغة وأنواعها (1/ 348): واللحية: لا تكون لحية إلا شعراً على ذقن ولحيين.
قال الدينوري في كتابه الجراثيم (1/ 179):
العارض من اللحية: ما نبت على عرض اللحي فوق الذقن.
قال بن سيده المرسي في كتابه المحكم والمحيط الأعظم (3/ 444): للحية: اسم يجمع من الشعر ما نبت على الخدين والذقن، والجمع لحى ..... واللحى: الذي ينبت عليه العارض. والجمع ألح ولحى ولحاء .... اللحيان: حائط الفم، وهما العظمان اللذان فيهما الأسنان من داخل الفم، يكون للإنسان والدابة..
قال أحمد مختار في معجم اللغة العربية المعاصرة (3/ 2003) : لحية [مفرد]: ج لحى ولحى: شعر الخدين والذقن "أطلق لحيته- قصوا الشوارب وأعفوا اللحى .
قال الصاحب بن عباد في المحيط في اللغة (1/ 250) : اللحيان: العظمان فيهما منابت الأسنان.
الذقن:
قال أحمد تيمور في معجم تيمور الكبير في الألفاظ العامية (1/ 53) :
قال الصفدي: «قلت: يريد أنهم يقولونه بكسر الدال وسكون القاف لأنه نظّره فيما بعد بقولهم كِفْل في كَفَل. والصواب ذَقَن بالذال المعجمة مفتوحة والقاف مفتوحة، وذقن الإنسان مجمع لحييه ».
قال في كتاب العين وجمهرة اللغة وتهذيب اللغة والصحاح وجمل اللغة ومقاييس اللغة وشمس العلوم ومختار الصحاح ولسان العرب وتاج العروس والمحيط في اللغة:
ذقن: الذقن: مجتمع اللحيين من الأسفل، والجمع أذقان
أولا مذهب الحنفية:
1- قال الزيلعي في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (1/ 331):
(قوله وهي القبضة) بضم القاف. اهـ. فتح (قوله وما زاد على ذلك) يجب قطعه. اهـ. ... مع أنه روي أيضا عن عمير الراوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يحمل الإعفاء على إعفائها من غير أن يؤخذ غالبها أو كلها كما هو فعل مجوس الأعاجم من حلق لحاهم كما يشاهد في الهنود وبعض أجناس الفرنج فيقع بذلك الجمع بين الروايات ويؤيد إرادة هذا ما في مسلم عن أبي هريرة عنه - صلى الله عليه وسلم - جزوا الشوارب واعفوا اللحى خالفوا المجوس فهذه الجملة واقعة موقع التعليل وأما الأخذ منها وهي دون ذلك .... فلم يبحه أحد. اهـ.
2- قال البابرتي في العناية شرح الهداية (2/ 347)
وقوله (لأنه يعمل عمل الخضاب) .... وقد روي «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها» أورده أبو عيسى في جامعه، وقال: من سعادة الرجل خفة لحيته. وذكر أبو حنيفة - رحمه الله - في آثاره عن عبد الله بن عمر: أن عبد الله بن عمر كان يقبض على لحيته ويقطع ما وراء القبضة، وبه أخذ أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد - رحمهم الله -.
3- قال بدر الدين العيني في البناية شرح الهداية (4/ 72)
(بقدر المسنون وهو القبضة) ش: بضم القاف، وقال الكاكي: طول اللحية بقدر القبضة عندنا، وما زاد على ذلك يجب قطعه هكذا روي «عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه كان يأخذ من طولها» أورده أبو عيسى في " جامعه "..... قلت: هذا لا يدل على أن الذي كان يأخذه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - القبضة، .... ويمكن أن يجاب عنه أن المراد بإعفاء [اللحى أن لا تحلق كلها كما يفعله المجوس، .... فإن المجوس كانوا يحلقون لحاهم ويتركون شواربهم ولا يأخذون منها شيئاً أصلاً ".
وفي " المحيط " اختلف في إعفاء اللحية قال بعضهم: يتركها حتى تكثف وتكبر، والقص سنة فما زاد على قبضة قطعها.
4- قال ملا في درر الحكام شرح غرر الأحكام (1/ 322)
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «احفوا الشارب واعفوا اللحى» وإعفاء اللحية قال محمد عن أبي حنيفة تركها حتى تكث وتكثر والتقصير منها سنة فيما زاد على القبضة؛ لأنها زينة وكثرتها من كمال الزينة وطولها الفاحش خلاف الزينة
5- قال ابن نجيم المصري في البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري (2/ 302)
ولا يفعل لتطويل اللحية إذا كانت بقدر المسنون، وهو القبضة كذا في الهداية وكان ابن عمر يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكف رواه أبو داود في سننه وما في الصحيحين عن ابن عمر عنه - عليه الصلاة والسلام - «أحفوا الشوارب واعفوا اللحى» فمحمول على إعفائها من أن يأخذ غالبها أو كلها كما هو فعل مجوس الأعاجم من حلق لحاهم فيقع بذلك الجمع بين الروايات، وأما الأخذ منها، وهي دون ذلك ... فلم يبحه أحد كذا في فتح القدير، وقد صرح في النهاية بوجوب قطع ما زاد على القبضة بالضم ومقتضاه الإثم بتركه
6- قال علاء الدين الحصكفي في الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (2/ 417):
(قوله أو تطويل اللحية) أي بالدهن (قوله: وصرح في النهاية إلخ) حيث قال وما وراء ذلك يجب قطعه هكذا «عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يأخذ من اللحية من طولها وعرضها» .... وقال وما زاد يقص وفي شرح الشيخ إسماعيل لا بأس بأن يقبض على لحيته، فإذا زاد على قبضته شيء جزه كما في المنية، وهو سنة كما في المبتغى وفي المجتبى والينابيع وغيرهما لا بأس بأخذ أطراف اللحية إذا طالت.
مطلب في الأخذ من اللحية (قوله: وأما الأخذ منها إلخ) بهذا وفق في الفتح بين ما مر وبين ما في الصحيحين عن ابن عمر عنه - صلى الله عليه وسلم - «أحفوا الشوارب واعفوا اللحية» قال: لأنه صح عن ابن عمر راوي هذا الحديث أنه كان يأخذ الفاضل عن القبضة، فإن لم يحمل على النسخ كما هو أصلنا في عمل الراوي على خلاف مرويه مع أنه روي عن غير الراوي وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - يحمل الإعفاء على إعفائها عن أن يأخذ غالبها أو كلها كما هو فعل مجوس الأعاجم من حلق لحاهم، ويؤيده ما في مسلم عن أبي هريرة عنه - صلى الله عليه وسلم - «جزوا الشوارب واعفوا اللحى خالفوا المجوس» فهذه الجملة واقعة موقع التعليل، وأما الأخذ منها وهي دون ذلك .... فلم يبحه أحد اهـ ملخصا.
فحكم حلق اللحية في مذهب الحنفية هو :
وجوب اعفاء اللحية ووجوب قص ما زاد عن القبضة منها، ويحرم أخذ أقل من القبضة.
ثانيا مذهب المالكية :
1- قال النفراوي في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (2/ 307):
ثم شرع في الكلام على اللحية بقوله: (وأمر النبي) - صلى الله عليه وسلم - كما في الموطأ للإمام ب (أن تعفى اللحية) أي يوفر شعرها ويبقى من غير إزالة لشيء منها فقوله: (وتوفر ولا تقص) تفسير لما قبله وذكره لزيادة البيان، والمتبادر من قوله " وأمر " الوجوب وهو كذلك إذ يحرم حلقها إذا كانت لرجل، وأما قصها فإن لم تكن طالت فكذلك، وأما لو طالت كثيرا فأشار إلى حكمه بقوله: (قال مالك) - رضي الله عنه - (ولا بأس بالأخذ من طولها إذا طالت) طولا (كثيرا) بحيث خرجت عن المعتاد لغالب الناس فيقص الزائد لأن بقاءه يقبح به المنظر، وحكم الأخذ الندب فلا بأس هنا لما هو خير من غيره والمعروف لا حد للمأخوذ، وينبغي الاقتصار على ما تحسن به الهيئة، وقال الباجي: يقص ما زاد على القبضة، .... وكما يستحب قص الزائد يستحب تسريحها ... .
(تنبيهان) الأول: ظاهر كلام المصنف أنه لا يجوز إلا أخذ الزائد على المعتاد، فيفهم منه أنه لا يجوز حلق ما تحت الحنك وهو كذلك .... وقد روي أنه - عليه الصلاة والسلام - كان يأخذ من عرض لحيته وطولها، وكان يأمر أن يؤخذ من باطن اللحية، وأما شعر الخد فالذي اختاره ابن عرفة جواز إزالته ....
الثاني: ..... كما يكره تخفيف اللحية والشارب بالموسى تحسينا وتزيينا، وإن قصد بذلك التلبيس على النساء كان أشد في النهي. ولما فرغ من الكلام على إزالة الشعر... .
2- قال الصعيدي العدوي في حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (2/ 445):
[قوله: في الموطأ] أي ففي الموطأ عن ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بإحفاء الشوارب وإعفاء اللحى» وهو للوجوب إذا كان يحصل بالقص مثلة، وللندب إذا لم يحصل به مثلة ولم تطل كثيرا فيما يظهر .... وكذا يندب الأخذ من عوارضها كما قال ابن ناجي.
[قوله: إذا طالت كثيرا] أي لا إن لم تطل أو طالت قليلا، وفسر بعض الشراح الكثرة بأن خرجت عن المعتاد لغالب الناس، أي فيندب له أن يقص الزائد لأن بقاءه يقبح به المنظر فإن قلت: وما حكم القص عند عدم الطول أو الطول القليل؟ قلت: صرح بعض الشراح بأنه يحرم القص إن لم تكن طالت كالحلق، والظاهر أن محل الحرمة كما أفدناك سابقا إذا كان يحصل بالقص مثلة وهو ظاهر عند عدم الطول أو الطول القليل وتجاوز في القص.
وأما إذا طالت قليلا وكان القص لا يحصل به مثلة فالظاهر أنه خلاف الأولى وحرر.
[قوله: والمعروف لا حد للأخذ منها] أي أنها إذا طالت كثيرا وقلنا: لا بأس بالأخذ منها فاختلف على قولين المعروف منهما أنه لا حد للأخذ أي فيقتصر على ما تحسن به الهيئة، ومقابل المعروف ما قاله الباجي: إنه يقص ما زاد على القبضة .....
[قوله: إلا أنه لا يتركها] لا يخفى أن المراد بكثرة الطول كثرة يكون بها تشويه وشهرة فذلك المستثنى هو عين قول المصنف إذا طالت كثيرا فلا معنى للإتيان به إلا أن يكون قصده تفسير الطول الكثير.
[قوله: لنحو الشهرة] أي جهة الشهرة أي في جهة الشهرة، أي الاشتهار، ومن البين أن المتروك في جهة الشهرة يلزم أن يشتهر فالمقصود ذلك اللازم وكأنه يقول: إلا أنه لا يتركها بحيث تشتهر....
تتمة:
نقل عن مالك كراهة حلق ما تحت الحنك حتى قال: إنه من فعل المجوس، ونقل عن بعض أن حلقه من الزينة فتكون إزالته من الفطرة ويجمع بحمل كلام الإمام على من لم يلزم على بقائه تضرر الشخص ولا تشويه خلقته وكلام غيره على ما يلزم على بقائه واحد من الأمرين، واختار ابن عرفة جواز إزالة شعر الخد وندب قص شعر الأنف لا نتفه لأن بقاءه أمان من الجذام ونتفه يورث الأكلة، ويحرم إزالة شعر العنفقة كما يحرم إزالة شعر اللحية وإزالة الشيب مكروهة كما يكره تخفيف اللحية والشارب بالموسى تحسينا وتزيينا.
3- قال الزرقاني المصري في شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (1/ 114):
في حرمة حلق اللحية وكراهته قولان.
فحكم حلق اللحية في مذهب المالكية هو:
وجوب اعفاء اللحية، ويحرم حلقها وقصها إذا لم تطول عن المعتاد، ويجوز الأخذ منها بلاحد مقدر إذا طالت على المعتاد ويقتصر على ما تحسُن به الهيئة، وبعضهم حد المعتاد بمقدار القبضة، ويكره الأخذ منها بالموسى.
وقول بكراهة حلق اللحية مطلقا.
ثالثا مذهب الشافعية :
1- قال زكريا الأنصاري في أسنى المطالب في شرح روض الطالب (1/ 551):
(و) يكره (نتفها) أي اللحية أول طلوعها إيثارا للمرودة وحسن الصورة.
2- قال ابن الملقن في تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (9/ 376):
(فائدة) قال الشيخان يكره حلق اللحية واعترضه ابن الرفعة في حاشية الكافية بأن الشافعي - رضي الله تعالى عنه - نص في الأم على التحريم قال الزركشي وكذا الحليمي في شعب الإيمان وأستاذه القفال الشاشي في محاسن الشريعة وقال الأذرعي الصواب تحريم حلقها جملة لغير علة بها كما يفعله القلندرية انتهى اهـ.
3- قال البجيرمي المصري في حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب (4/ 346):
قوله: (ويكره نتف اللحية) ...... قوله: (أول طلوعها) ليس قيدا وكذا الكبير أيضا أي إن حلق اللحية مكروه حتى من الرجل وليس حراما ولعله قيد به لقوله: إيثارا للمرودة.
4- قال البكري الدمياطي الشافعي في إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين (2/ 386):
(قوله: ويحرم حلق لحية) المعتمد عند الغزالي وشيخ الإسلام وابن حجر في التحفة. والرملي والخطيب وغيرهم: الكراهة. وعبارة التحفة: (فرع) ذكروا هنا في اللحية ونحوها خصالا مكروهة: منها نتفها وحلقها، وكذا الحاجبان. ولا ينافيه قول الحليمي لا يحل ذلك، لإمكان حمله على أن المراد نفي الحل المستوي الظرفين. والنص على ما يوافقه إن كان بلفظ لا يحل يحمل على ذلك. أو يحرم كان خلاف المعتمد. وصح عند ابن حبان: كان - صلى الله عليه وسلم - يأخذ من طول لحيته وعرضها وكأنه مستند ابن عمر رضي الله عنهما في كونه كان يقبض لحيته ويزيل ما زاد.
لكن ثبت في الصحيحين الأمر بتوفير اللحية أي بعدم أخذ شيء منها وهذا مقدم، لأنه أصح. على أنه يمكن حمل الأول على أنه لبيان أن الأمر بالتوفير للندب، وهذا أقرب من حمله على ما إذا زاد انتشارها وكبرها على المعهود، لأن ظاهر كلام أئمتنا كراهة الأخذ منها مطلقا. وادعاء أنه حينئذ يشوه الخلقة، ممنوع اهـ.
وكتب سم: قوله: أو يحرم - كان خلاف المعتمد في شرح العباب.
5- قال النووي في المجموع شرح المهذب (1/ 290):
(فرع) سبق في الحديث أن إعفاء اللحية من الفطرة فالإعفاء بالمد: قال الخطابي وغيره هو توفيرها وتركها بلا قص: كره لنا قصها كفعل الأعاجم: قال وكان من زي كسرى قص اللحى وتوفير الشوارب: قال الغزالي في الإحياء اختلف السلف فيما طال من اللحية فقيل لا بأس أن يقبض عليها ويقص ما تحت القبضة: فعله ابن عمر ثم جماعة من التابعين: واستحسنه الشعبي وابن سيرين..... والصحيح كراهة الأخذ منها مطلقا بل يتركها على حالها كيف كانت ...... هذا مذهبنا ....
فحكم حلق اللحية في مذهب الشافعية :
اختلف في المعتمد عند الشافعية على قولين الأول: تحريم حلق اللحية مطلقا، والثاني كراهة حلق اللحية.
وقول بكراهة نتف شعر اللحية للشاب الذي بدأت لحيته بالخروج، وقول بكراهيتها نتفها أو حلقها مطلقا بدون قيد.
ويكره قصها مهما بلغ القص من شعر اللحية، وتوجيه بجواز الأخذ مما زاد على القبضة.
رابعا مذهب الحنابلة:
- قال المرداوي في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (1/ 121):
ويعفي لحيته. وقال ابن الجوزي في المذهب: ما لم يستهجن طولها. ويحرم حلقها. ذكره الشيخ تقي الدين. ولا يكره أخذ ما زاد على القبضة. ونصه: لا بأس بأخذ ذلك. وأخذ ما تحت حلقه. وقال في المستوعب: وتركه أولى. وقيل: يكره. وأطلقهما ابن عبيدان. وأخذ أحمد من حاجبيه وعارضيه.
2- قال شمس الدين ابن قدامة في الشرح الكبير على متن المقنع (1/ 105) :
ويستحب إعفاء اللحية لما ذكرنا من الحديث، وهل يكره أخذ ما زاد على القبضة، فيه وجهان (أحدهما) يكره لما روى ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خالفوا المشركين احفوا الشوارب واعفوا اللحى " متفق عليه (والثاني) لا يكره يروي ذلك عن عبد الله بن عمر، وروى البخاري قال كان عبد الله بن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذ ...
3- قال البهوتي في كشاف القناع عن متن الإقناع (1/ 75)
ويسن أن يغسله ويسرحه متيامنا، ويفرقه، ويكون للرجل إلى أذنيه، وينتهي إلى منكبيه) كشعره - عليه السلام..... (وإعفاء اللحية) بأن لا يأخذ منها شيئا قال في المذهب ما لم يستهجن طولها (ويحرم حلقها) ذكره الشيخ تقي الدين (ولا يكره أخذ ما زاد على القبضة) ونصه لا بأس بأخذه (ولا أخذ ما تحت حلقه) لفعل ابن عمر لكن إنما فعله إذا حج أو اعتمر رواه البخاري (وأخذ) الإمام (أحمد من حاجبيه وعارضيه) نقله ابن هانئ.
فحكم حلق اللحية في مذهب الحنابلة هو:
يحرم حلق اللحية بل تعفى وذكر ابن الجوزي شرط ألا يطول شعرها، وأما ما زاد من اللحية عن مقدار القبضة فيجوز الأخذ منه، وذكر في الشرح الكبير بأن اعفاء اللحية مستحب في المذهب ولم أجد من قال بهذا القول غيره.
مقدار القبضة:
الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (1/ 197): وبيان ذلك أن القبضة أربع أصابع، وإذا كان ذراع زمانهم ثمان قبضات وثلاث أصابع يكون خمسا وثلاثين إصبعا.
الموسوعة الفقهية الكويتية (21/ 205): والقبضة أربع أصابع.
1- قال الامام مسلم في صحيحه (1/ 223)
عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء " قال زكريا: قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة.
2- المسند المستخرج على صحيح مسلم لأبي نعيم (1/ 317)
حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ثنا أبو يحيى الرازي ثنا سهل ابن عثمان ثنا يزيد بن زريع عن عمر بن محمد عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى) رواه مسلم عن سهل بن عثمان.
3- صحيح البخاري (7/ 160)
عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خالفوا المشركين: وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب " وكان ابن عمر: «إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته، فما فضل أخذه».
4- مصنف ابن أبي شيبة (5/ 225)
عن أبي هريرة: «أنه كان يأخذ من لحيته ما جاوز القبضة».
5- سنن الترمذي ت بشار (4/ 391)
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها. هذا حديث غريب.
وسمعت محمد بن إسماعيل، يقول: عمر بن هارون مقارب الحديث لا أعرف له حديثا ليس له أصل، أو قال، ينفرد به، إلا هذا الحديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ من لحيته من عرضها وطولها، لا نعرفه إلا من حديث عمر بن هارون، ورأيته حسن الرأي في عمر.
6- عن أبي هريرة أخرجه ابن أبي شيبة من حديث أبي زرعة قال: كان أبو هريرة يقبض على لحيته فيأخذ ما فضل عن القبضة.
الخلاصة:
وجودب اعفاء اللحية وتحريم حلقها وهو مذهب الحنفية والمالكية والحنابلة وقول عند الشافعية.
وقول عند الشافعية بكراهة حلق اللحية.
وجوب أخذ ما زاد عن القبضة وهو مذهب الحنفية وجواز الأخذ لما زاد عن القبضة وهو مذهب المالكية الشافعية والحنابلة.
ذكرت في هذا المبحث أقوال المذاهب الفقهية الأربعة وأدلتهم ووجه الدلالة ومناقشة الأدلة بقدر ما تيسر، فكل من ينتمي إلى إقليم معين فيأخذ المذهب المتبع في إقليمه وخاصة أن هذا البحث ليس خاصا بإقليم معين ، وأما من يعمل بعمل المحدثين وله الحق في النظر والترجيح بين الأدلة فله ذلك .
والله أعلم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا